اسم الکتاب : روح البيان المؤلف : إسماعيل حقي الجزء : 1 صفحة : 213
لما وصل الى الطور لاقتباس النار لاهله نُودِيَ يا مُوسى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فتجلى الربوبية اولا ثم قيل فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ وهما الطبيعة والنفس امر بتركهما ثم قيل وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي فتجلى الالوهية ثم بعدهما تجلى الذات وامر بإرشاد فرعون فترك اهله هناك ولم يلتفت وجاء الى فرعون وكان دخوله بمصر في نصف الليل فدق باب فرعون بعصاه امتثالا لامر الله تعالى قيل انه شابت لحية فرعون في ذلك الوقت بمهابة دقه فقال أكنت وليدا مربى عندنا قال موسى نعم ولذلك دعوتك قبل الكل لسبق حقك على رعاية له فأرادوا قتله فألقى عصاه فصارت ثعبانا مبينا فبينا عزم على ابتلاعهم فاستأمنوا فأعطاهم الامان وكان يريد أن يؤمن ولكنه منعه هامان فبعد دعوة فرعون جاء الى اهله فوجدها قد وضعت الحمل فاحاطتها ذئاب من أطرافها لمحافظتها فلم يقدر ان بمر من هنا مار فانظر الى قدرة الله تعالى- روى- ان الامام الأعظم والهمام الأقدم رحمه الله لم يشتغل بالدعوة الى مذهبه الا بالاشارة النبوية في المنام بعد ما قصد الا نزواء فهذا اعدل دليل الى وصوله الى الحقيقة وكان يقوم كل الليل وسمع رحمه الله هاتفا في الكعبة ان يا أبا حنيفة أخلصت خدمتى وأحسنت معرفتى فقد غفرت لك ولمن تبعك الى قيام الساعة كذا في عين العلم للشيخ محمد البلخي رحمه الله وعن بعض العارفين قبلة البشر الكعبة وقبلة اهل السماء البيت المعمور وقبلة الكروبيين الكرسي وقبلة حملة العرش العرش ومطلوب الكل وجه الله سبحانه وتعالى وَقالُوا نزلت لما قالت اليهود عزير ابن الله والنصارى المسيح ابن الله ومشركوا العرب الملائكة بنات الله فضمير قالوا راجع الى الفرق الثلاث المذكورة سابقا اما اليهود والنصارى فقد ذكروا صريحا واما المشركون فقد ذكروا بقوله تعالى كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ اى قال اليهود والنصارى وما شاركهم فيما قالوا من الذين لا يعلمون اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً الاتخاذ اما بمعنى الصنع والعمل فلا يتعدى الا الى واحد واما بمعنى التصيير والمفعول الاول محذوف اى صير بعض مخلوقاته ولدا وادعى انه ولده لا انه ولده حقيقة وكما يستحيل عليه تعالى ان يلد حقيقة كذا يستحيل عليه التبني واتخاذ الولد فنزه الله تعالى نفسه عما قالوا في حقه فقال سُبْحانَهُ تنزيهه والأصل سبحه سبحانا على انه مصدر بمعنى التسبيح وهو التنزيه اى منزه عن السبب المقتضى للولد وهو الاحتياج الى من يعينه في حياته ويقوم مقامه بعد مماته وعما يقتضيه الولد وهو التشبيه فان الولد لا يكون الا من جنس والده فكيف يكون للحق سبحانه ولد وهو لا يشبهه شىء: قال في المثنوى
لم يلد لم يولد است او از قدم ... نى پدر دارد نه فرزند ونه عم
بَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رد لما قالوه واستدلال على فساده فان الاضراب عن قول المبطلين معناه الرد والإنكار وفي الوسيط بل اى ليس الأمر كما زعموا والمعنى انه خالق ما في السموات والأرض جميعا الذي يدخل فيه الملائكة وعزير والمسيح دخولا أوليا فكان المستفاد من الدليل امتناع ان يكون شىء ما مما في السموات والأرض ولدا سواء كان ذلك ما زعموا انه ولد له أم لا كُلٌّ اى كل ما فيهما كائنا ما كان من اولى العلم وغيرهم لَهُ
اسم الکتاب : روح البيان المؤلف : إسماعيل حقي الجزء : 1 صفحة : 213